الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

أحاسيس النفس



يصف ويليامز جيمز في كتابه أنواع التجربة الدينية. نمطين أساسيين للشخصية, شخصية "تولد مرة واحدة" و"شخصية تولد مرتين" والأشخاص الذين ينتمون إلى النوع الأول هم أولئك الذين تكيفهم مع الحياة تكيفاً مباشراً والذين كانت حياتهم بطريقة أو بأخرى حيوانات هادئة منذ أو ولدوا. أما الأشخاص الذين ينتمون إلى النوع الثاني من ناحية أخرى فلم ينعموا بأي فترة هنية من حياتهم. ذلك أن حياة كل واحد منهم موسومة بصراع مستمر للحصول على إحساس بالنظام. وخلافاً لأفراد النوع الأول لا يستطيع أشخاص النوع الثاني ضمان الأشياء.

وهذه الشخصيات- طبقاً لما يقوله جيمز- لها أراء مختلفة عن العالم. وبالنسبة للشخصية الأولى, ينبع إحساس الفرد بالذات- باعتباره دليلاً على سلوكه وموقفه- من شعوره بأنه في انسجام مع محيطه أما بالنسبة للشخصية الثانية فينبع الإحساس بالذات من شعور عميق بالانفصال.

إن الشعور بالانتماء أو بالانفصال له أهمية عملية لأنواع الاستثمارات التي يقوم بها المدراء والقادة كل في مهنته الحياتية. فالمدراء يرون أنفسهم أوصياء ومنظمون لنظام يقوم بها المدراء والقادة كل في مهنته الحياتية. فلمدراء يرون أنفسهم أوصياء ومنظمون لنظام قائم من الشؤون العامة يندمجون معه شخصياً ويحصلون منه على مكافآت.

كما أن تخليد المؤسسات القائمة وتعزيزها يقوي إحساس المدير بقيمة ذاته: فهو يؤدي دوراً ينسجم مع مثاليات الواجب والمسؤولية. وقد كان هذا الانسجام في بال جيمز- هذا الإحساس بالذات باعتباره ينبع بسلامة من العالم الخارجي ويصب فيه- وهو يعرف الشخصية التي تولد مرة واحدة. إذا ما شعر الفرد بأنه عضو في مؤسسات يساهم في تحسين وضعها, فإنه يؤدي رسالة في الحياة ويشعر بأنه يكافأ لأنه كان في مستوى المثاليات. وتتجاوز هذه المكافأة المكاسب المادية وتشيع رغبة أساسية أكثر من غيرها بالنسبة للكرامة الشخصية التي تتحقق بالاندماج في المؤسسات القائمة.

ويغلب أن يكون القادة شخصيات من النوع الذي يولد مرتين, أناس يشعرون بالانفصال عن محيطهم بما في ذلك الناس الآخرين, وقد يولد هؤلاء في مؤسسات غير أنهم لا ينتمون إليها أبداً. إذ أن إحساسهم الذي يتعلق بهويتهم لا يعتمد على العضوية أو على أدوار العمل, أو على المؤشرات الاجتماعية الأخرى للهوية. والذي يبدو أنه العضوية, أو على الفكرة حول الانفصال هو أساس نظري من نوع ما لتفسير السبب الذي يجعل أفراد معينين يبحثون عن فرص للتغيير. قد تكون أسليب أحداث التغيير تكنولوجية أو سياسة أو عقائدية, غير أن الهدف هو نفسه لا يتغير: تغيير العلاقات الإنسانية والاقتصادية والسياسة تغييراً عميقاً.

يشير علماء الاجتماع إلى مرحلة التحضير التي يمر بها الأفراد لأداء أدوار كعملية مشاركة جماعية. وحيث يعتبر الأفراد أنفسهم جزءاً لا يتجزأ من البنية الاجتماعية (ذلك أن احترامهم لأنفسهم يقوى من خلال المشاركة والتواؤم) يكون للمعايير الاجتماعية آثار قوية في الحفاظ على الشعور الشخصي للفرد بالاستمرارية حتى وراء نطاق السنين الأولى في الأسرة. إن خط النمو من الأسرة إلى المدارس ثم إلى المهنة الحياتية تراكمي وتعزيزي. وعندما لا يكون خط النمو تعزيزياً بسبب انقطاعات هامة في العلاقات أو بسبب مشاكل أخرى يمر بها في الأسرة أو في مؤسسات اجتماعية أخرى فإن الفرد ينكفئ على ذاته ويناضل لبناء احترام الذات والهوية والنظام الخاص به. وفي هذه الحالة تتركز الديناميكيات النفسية على الخبرة مع خسارة والجهود للتعافي.

عند دراسة تطور القيادة, يتوجب علينا دراسة سبيلين مختلفين من تاريخ الحياة:

1) التطور عبر المشاركة الاجتماعية وهي التي تحضر الفرد لقيادة المؤسسات وللحفاظ على الميزان القائم للعلاقات الاجتماعية.

(2) التطور عبر التفوق الشخصي وهو الذي يجبر الفرد على النضال من أجل أحداث التغيير النفسي والاجتماعي. ويخلق المجتمع موهبته الإدارية للمديرين عبر الخط الأول من التطور بينما يظهر القادة عبر الخط الثاني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق